الجمعة، 22 فبراير 2013

يا أمة في المؤخرة



عندما دخل "ثوّار" الأمّة الإسلامية السّمحاء على عثمان بن عفّان و هم يكبّرون و يهّللون كان عثمان يقرأ كتاب الله،قد يكون أخطأ عندما قدّم بني أميّة على باقي المسلمين ،
 قد يكون أساء التقدير،
 و رغم أنّه من المبشّرين بالجنّة و أحد الصّحابة المقرّبين من الرسول الكريم فقد جرّه الثوّار من لحيته ثمّ قطعوا عنقه بعد أن قطعوا أصابع زوجته التي أرادت أن تحميه من ضربة السّيف ،
 قتلوه بالوحشيّة اللّازمة التي تطبع المتوحّشين من غلاة الدّين ثم ذهبوا بعدها للصّلاة و الدّعوة للتراحم ...

تلك هي إحدى قطرات الدّم الأولى من التاريخ الإسلامي المتوحّش و التي أرّخها المؤرّخون مع اختلاف في قمّة وحشيتها و أسبابها،
 فقد قتل قبله عمر بن الخطّاب و بعده علي بن أبي طالب ،
 ثمّ تفنّن الخصوم في التاريخ الإسلامي في القتل و التنكيل بإخوانهم في الدّين من المسلمين فما بالك بغير المسلمين.
 و لعل وحشيّة قتل عبد الله بن الزبيّر عندما رجم الحجاج الكعبة بالمنجنيق و هدّها على رؤوس المسلمين المحتمين بها
 لا أكبر دليل على الوحشيّة السّافرة لغلاة السّلطة و الدّين
 فقد قتل عبد الله بن الزبيّر و مُثّل به
 ثم علٌّق حتى تهرّأ جسده و نهشه الدّود و لم يقع دفنه إلاّ بعد تحلّل جسده تماما
 و بعد أن تدخلت أمّه لدى الحجّاج
 " أما آن لهذا الفارس أن يترجّل"
فترجل إلى مثواه وهو شبه هيكل عظمي...
كان هذا التنكيل يشفي غليل الحجّاج
 و أمير " المؤمنين" معاوية بن أبي سفيان و أتباعه من الأمويين.

ثم تجري أنهار أخرى من الدّماء و لعل أشهرها قتل الحسن و الحسين أبناء بنت رسول اللّه ّ يقتل الحسين وهو يطلب ماءً لأبنه الرّضيع،
 يُقتل الأب و يقتل الرّضيع بعد التّكبير و التّهليل ثمّ يحمل رأسه في طبق إلى دمشق أي إلى يزيد بن معاوية.
 و يأتي تاريخ دمويّ أسود لبني أميّة سالت فيه دماء باسم الله و باسم الخليفة و الخلافة الإسلامية السّمحة...
التّي ينادي بها غلاة الدّين اليوم و المتستّرين من أمثالهم...

من بعد يأتي العبّاسيون بغطرستهم و تعطّشهم للدّم ،
 أبو مسلم الخرساني،
 أبو العبّاس عبد الله" السفّاح" "أنا سفّاح بني أميّة".
و يبدؤون خلافتهم الإسلامية السّمحاء بنهر من الدماء
 بعد أن نكّلوا و صفّوا جسديا كلّ من كان من خصومهم خاصّة من بني أميّة...
أثبت أصحاب "الرّايات السّود" أنّهم الأسوأ في تاريخ المسلمين لتعطّشهم للدّم الإسلامي و غيره من الدّماء الأخرى...

وكان من بعدهم الفاطميون المنحدرون من سلالة فاطمة بنت الرّسول الذين عاقبوا سكّان شمال إفريقية و أباحوا دماءهم و نساءهم و أرزاقهم بأن أرسلوا قبائل الهمج من بني هلال و غيرهم من تلك الصّحاري القاحلة ليعيثوا فسادا في البلاد و العباد ...

في تاريخنا الحديث يذيب "أمير المؤمنين"
محمد مرسي خصومه و معارضيه سياسيا
و هذا كذلك لا يحدث إلاّ عندنا.

ثم تتالت أنهار الدماء المؤرّخة و الغير مؤرّخة و التي تحفّظ المؤرخون على ذكرها إمّا خوفا من الحاكم و رجال الدّين

أو انحيازا أعمى لوجهة نظر أخرى ،

 هي دماء لا تحصى و لا تعدّ وهو تاريخ أسود بكل المقاييس نواصل إنكاره تزييفا و مكابرة
 فقط لنقول أنّنا أمّة الحضارة و أنّ تاريخنا الإسلامي مشرق
 وهو ما لا يمكنّنا نحن العرب و المسلمين من مراجعة مفهومنا للإنسانية و الإنسان
 فنحن أمة تحتقر الإنسان و نكابر زيفا و ظلما و هو من جعل منّا أمّة في مؤخرة الأمم ...

سيسيل الدّم أكثر لو تجاهلنا تارخنا الأسود في عدم التسامح و الميل إلى العدوان و حبّنا لسفك الدّماء
تارة باسم الله و تارة باسم الكرسيّ
 و لأنّ الحاكم و رجل الدين في تاريخنا المؤلم يدّعيان دوما امتلاك الحقيقة المطلقة.

لقد كان بشعا و مقرفا أن أشاهد الطّريقة الوحشيّة التي عامل بها " ثوّار" ليبيا معمّر القذافي بعد استسلامه إليهم ،
 لقد أثبتوا بهذا أنّهم ليسو أقلّ وحشيّة منه
و أنهم يعادلونه عطشا للدّماء
كم كانت الصّورة قاتمة وهم يسحلونه و ينادون
 " الله أكبر" .

لقد فوّتوا علينا مرّة أخرى و بكلّ " امتياز"
 أن يرانا العالم كأمّة متحضّرة
و بدأت في مراجعة مفهومها للإنسانية
و لحرمة الجسد و لاحترام أسير الحرب
  حتّى و إن كان لا يستأهل هذا و لسيادة العدالة التي يجب ان تقول كلمتها في إجرامه و يكون عقابه من جنس عمله...
نحن أمّة لا زالت في ظلمة التّاريخ
 و لا نعرف كم سيدوم هذا الظّلام ؟

ليست هناك تعليقات: